قصة غامضة تدور أحداثها في مكتبة لا يعرفها إلا من اقترب من الموت حيث يُحفظ مصير كل إنسان بين دفّتي كتاب واحد
في أحد الأحياء القديمة التي هجرتها الأرواح قبل أن تهجرها الأقدام كانت هناك مكتبة لم تُذكر في أي خريطة ولم تظهر في أي دليل سفر كانت تقبع بين جدران متآكلة وشارع ضيق يكاد الهواء لا يتسلل إليه داخل تلك المكتبة عاش رجل لا يعرف أحد اسمه ولا عمره لكنه ينتظر من يقترب من الموت لأن زواره ليسوا أحياءً تمامًا ولا أمواتًا كليًا
آدم فتى في السادسة عشرة من عمره نجا قبل أيام من حادثة غرق كادت أن تأخذه إلى العالم الآخر ومنذ ذلك اليوم تغير كل شيء كان يرى المكتبة في أحلامه يسمع صوت رجل يقول له لقد حان الوقت في صباح باهت خرج من منزله دون هدف لكنه وجد نفسه أمام باب خشبي عريض مفتوح وكأن المكان يعرفه
دخل المكتبة كانت الكتب مكدسة من الأرض حتى السقف الرفوف تمتد بلا نهاية والهواء ثقيل برائحة الورق العتيق جلس خلف الطاولة رجل نحيل شعره أبيض وعيناه كأنهما زجاج لا يعكس الضوء لم يقل مرحبًا لم يسأله من يكون بل قال له كتابك ينتظرك في الرف الأخير
سار آدم بين الرفوف كلما مرّ بجانب كتاب سمع همسات بعضها يبكي بعضها يضحك وبعضها يصمت بصوت الموت وعندما وصل إلى الرف الأخير كانت هناك نسخة واحدة مغطاة بطبقة خفيفة من التراب رفعها بيد مرتجفة ففتحت نفسها أمامه وبدأت الصفحات تُقلّب وكأنها تقرأه لا العكس
رأى نفسه طفلًا في الحديقة يلعب رأى أخاه الصغير يبكي حين سرق لعبته رأى والدته وهي تمسح دمعة لم يلاحظها رأى أيامًا لم يعشها بعد رأى نفسه يضحك مع فتاة لم يقابلها بعد ثم رأى نفسه يسقط مجددًا في نفس النهر لكنه هذه المرة لا يخرج منه
أغلق الكتاب بقوة والتفت إلى أمين المكتبة الذي قال له لم يكن عليك أن تقرأ حتى النهاية سأمنحك فرصة واحدة فقط أن تغيّر صفحة واحدة فقط من حياتك ولكن مقابل شيء منك لن تستعيده أبدًا
سأل آدم بصوت خافت ماذا سأفقد أجاب الرجل ستعرف عندما تحاول التذكر ولن تستطيع
فكر كثيرًا ثم قال أريد أن أُنقذ أخي الصغير من الحادث الذي رأيته في الصفحة الأخيرة قال الرجل إذًا ستفقد أجمل ذكرى تملكها إلى الأبد
أومأ آدم موافقًا ولم تمض لحظة حتى أظلمت المكتبة واختفت الكتب والرفوف ولم يبقَ سوى آدم واقفًا في وسط شارع ضيق لا يعرف كيف دخل إليه
عاد إلى بيته ليجد أخاه الصغير يركض نحوه ويعانقه بقوة لكن حين سألته والدته عن الذكرى التي يذكرها عن والده الراحل قال لا أذكر أي شيء لا أذكر حتى وجهه
حينها فقط فهم الثمن
ومنذ ذلك اليوم لم يعُد يرى المكتبة في أحلامه
لكن في مكان آخر في مدينة أخرى فتى آخر نجا من حادث وكان يسمع في نومه صوتًا يقول
كتابك ينتظرك في الرف الأخير
قصص رعب غامضة
• مكتبة الأرواح
• قصص خيالية
• قصص قصيرة مرعبة
• قصة مكتبة لا يخرج منها أحد